{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} يقول: أي شيء رب العالمين الذي تزعم أنك رسوله إلي؟ يستوصفه إلهه الذي أرسله إليه بـ {ما}، وهو سؤال عن جنس الشيء، والله منزه عن الجنسية، فأجابه موسى عليه السلام بذكر أفعاله التي يعجز عن الإتيان بمثلها. {قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} إنه خالقهما. قال أهل المعاني: أي كما توقنون هذه الأشياء التي تعاينونها فأيقنوا أن إله الخلق هو الله عز وجل، فلما قال موسى ذلك تحير فرعون في جواب موسى. {قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ} من أشراف قومه. قال ابن عباس: كانوا خمس مائة رجل عليهم الأسورة، قال لهم فرعون استبعادًا لقول موسى: {أَلا تَسْتَمِعُونَ} وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن آلهتهم ملوكهم. فزادهم موسى في البيان. {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ} {قَالَ} يعني: فرعون: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} يتكلم بكلام لا نعقله ولا نعرف صحته، وكان عندهم أن من لا يعتقد ما يعتقدون ليس بعاقل، فزاد موسى في البيان: {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} {قَالَ} فرعون- حين لزمته الحجة وانقطع عن الجواب- تكبرا عن الحق: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} من المحبوسين، قال الكلبي: كان سجنه أشد من القتل، لأنه كان يأخذ الرجل فيطرحه في مكان وحده فردًا لا يسمع ولا يبصر فيه شيئًا، يهوي به في الأرض. {قَالَ} له موسى حين توعده بالسجن: {أَوَلَوْ جِئْتُكَ} أي: وإن جئتك، {بِشَيْءٍ مُبِينٍ} بآية مبينة، ومعنى الآية: أتفعل ذلك وإن أتيتك بحجة بينة؟ وإنما قال ذلك موسى لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإنصاف والإجابة إلى الحق بعد البيان.